الرسل : ليسوا مخلوقات أخرى كالملائكة ونحو ذلك ، وإنما الرسل بشر مثلنا يأكلون الطعام ويقضون حاجاتهم ، ويمشون في الأسواق ، وينسون وينامون ويمرضون ويموتون وأمثال ذلك من الصفات البشرية ، ولكن الله منّ عليهم وميزهم عن بقية البشر بأن أوحى إليهم ؛ قال الله سبحانه
قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ )[سورة إبراهيم/11]
2 - لقد أوحى الله تعالى إلى الرسل بعدة طرق :
* أحياناً يـُـنزل الله ملكاً من الملائكة على الرسول البشري؛ حتى يبلغه كلام الله، سواء كان على صورة ملك من الملائكة أو على صورة بشر .
* وأحياناً يكلم اللهُ النبيَ ، ولكن من وراء حجاب .
* وأحياناً يأتي إلى النبي وحي يسمعه .
وكل تلك الطرق لأن الله له العلو والحكمة؛ فما كان ينبغي لبشر في الدنيا أن يكلمه الله مباشرة ، وقد ذكر الله تلك المعاني في القرآن فقال: ( وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ ) [سورة الشورى/51].
3 - أعظم مهمة للرسل أن يدعوا الناس إلى عبادة الله وحده لا شريك له ، ويحذروا الناس من عبادة غير الله، سواء كان بشرا أو جنا أو ملكا أو حجرا أو شجرا أو شمسا أو قمرا أو غير ذلك .
ولذا فكل الأنبياء متفقون على هذا المبدأ ( لا إله إلا الله ) ، ولذا قال سبحانه
وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ )[سورة سورة الأنبياء/25].
وقال الله سبحانه : ( يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ )[سورة النحل/2]
4 - كما أن الله أرسل الرسل ليبشروا الناس بجنة الله التي فيها كل أنواع النعيم إن عملوا الحسنات ؛ ولذا كان الرسل يأمرون الناس بعبادة الله وحده، والصلاة والزكاة وبر الوالدين وصلة الأرحام والإحسان إلى المساكين والصدق والوفاء والكرم وحسن الخلق، ونحو ذلك من الأعمال الطيبة. قال الله سبحانه
وَبَشِّرِ الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ )(البقرة : 25 )، وقال الله سبحانه
فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ (34) الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (35) [سورة سورة الحج/34، 35]
5 - وأرسل الله الرسل لينذروا الناس من عقاب الله إن عملوا السيئات ، خاصة وأن الله يحب أن يعذر نفسه قبل أن يعذب المجرمين ؛ فالإنسان الذي يعذبه الله بعد تحذير الرسل ليس بمعذور ، وستشهد الرسل على الناس يوم القيامة بأن الله بلغ رسالته وحذرهم ؛ ولذا كانت الرسل تحذر الناس من السيئات ، مثل : الكفر بالله، وقتل النفس بغير حق، والزنا، والربا، والكذب، وسوء الأخلاق بعمومها . قال الله عز وجل
رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا )[سورة النساء/165]
6- وهذه آية جامعة تبين بوضوح وظيفة آخر الرسل وهو محمد عليه الصلاة والسلام ، قال الله عز وجل:{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا (46) وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا (47) وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا} [الأحزاب: 45 - 48]
7- على الناس أن يطيعوا رسلهم فمن يطع الرسول فقط أطاع الله، ومن عصى الرسول فقد عصى الله ،يقول الله عز وجل: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ )[سورة النساء/64]
8- لقد جاءت الرسل بالأدلة الواضحة المنوعة التي تصدقها العقول البشرية؛ لإثبات صحة ما يدعون إليه من الإيمان بالغيب: كالإيمان بالله، واليوم الآخر، والجنة والنار ،والكتب، والرسل، والملائكة ،والقدر،قال الله سبحانه : (فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ ) [سورة آل عمران/184]
9- إن أي رسول ليس بمسؤول عن هداية قلوب الناس ، بل الله يهدي من يشاء ويضل من يشاء ؛ ولذا لم يستجب كثير من الناس لرسلهم ، بل استهزأوا بهم فوصفوا الرسل بأنهم : سحرة ، ومجانين ، وشعراء ، وكهنة، وأنهم يطمعون في الرئاسة والسلطان، ونحو ذلك من الافتراءات! قال الله سبحانه: ( وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ (6) وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (7)) [سورة سورة الزخرف/6، 7]
10- الذين يعصون الرسول ويكذبونه ويحاربونه سيهزمون ؛لأن الله عز وجل سينصر رسله . قال الله سبحانه
كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ )[سورة سورة المجادلة/21].
حتى وإن قتل الكفار ذلك الرسول ؛ فإن الله سيأتي برسل آخرين بعده ينتقمون لذلك الرسول ، كل ذلك حتى يتحقق صدق قوله سبحانه
إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ ) [سورة سورة غافر/51] ،وقوله سبحانه
هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ) [سورة سورة التوبة/33]
11- على الناس أن يؤمنوا بالرسل جميعا بأنهم مرسلون من عند الله ، أما من آمن ببعض الرسل وكفر ببعض الرسل فهذا كافر بالرسل جميعا.قال الله سبحانه: ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (150) أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (151) وَالَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (152) [سورة سورة النساء/150-153]
هذه بعض الآيات من القرآن الكريم تتحدث عن بعض الأمور المتعلقة برسل الله.
وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ (
أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ
وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ
وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (9) قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ
ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ
(10) قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلَّا
بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (11) وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آَذَيْتُمُونَا وَعَلَى
اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (12) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ
لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ (13) وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ (14) وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ
عَنِيدٍ (15) مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ (16) يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ
وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ (17)
(سورة إبراهيم 8-17)